واقعٌ صعبٌ يعيشه الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة على وجه الخصوص، جراء تفاقم مشكلاتهم التي يعانون منها بفعل الحصار الإسرائيلي والأزمات التي تعصف بالقطاع، كأزمة انقطاع الكهرباء والوقود وغيرها، إلى جانب صعوبة حصولهم على حقوقهم التي كفلها القانون الخاص بهم والتي غابت مع غياب تطبيقه، فضلاً عن تفاقم معاناتهم بفعل الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، في وقت يبقى توفير حياة كريمة لهم تتسم بالاستقرار والاستقلالية ودمجهم في المجتمع في الواجهة، مًلقى على عاتق المجلس التشريعي الفلسطيني المنقسم بين غزة والضفة، والذي يتسبب في تفاقم المزيد من معاناتهم.
معاناتهم تتفاقم
وفي هذا السياق، اعتبر مدير الإغاثة الطبية لذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة مصطفى عابد أنّ 97 ألف من الأشخاص ذوي الاعاقة يعانون من سنوات من الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، لافتاً إلى أنه أثر بشكل كبير على كافة الخدمات المقدمة لهم من قبل كافة المؤسسات ذات العلاقة.
وفي حديث لـ"النشرة"، أوضح عابد أنّ معاناة هؤلاء تفاقمت أيضاً في ظل انقطاع الكهرباء والنقص الحاد في الوقود، ما أثر سلباً على كافة مناحي حياتهم اليومية التي يعيشونها، فضلاً عن أن هناك العديد من العاملين داخل مؤسسات التأهيل لا يذهبون إلى مؤسساتهم بسبب نقص الوقود.
وأشار عابد إلى أنّ الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة تحولوا من المنازل إلى المستشفيات بسبب انقطاع الكهرباء ما أثر سلبا على النواحي الجسدية، سيما وأنّ هناك العديد منهم يعتمدون على الأجهزة التي تعمل على الكهرباء. وأضاف: "أوضاعهم صعبة من كافة النواحي سواء الاقتصادية والتعليمية والمعيشية والحياتية، وهم يعيشون تحت وطأة حصار خانق أثر على كافة مناحي حياتهم".
وتبلغ نسبة الإعاقة في الأراضي الفلسطينية 2.7% من مجمل السكان في الأراضي الفلسطينية وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء، تزيد بين الذكور عن الاناث بقليل، 90% منهم لا يعملون ونصفهم من الأميين.
القانون غير مطبق
في المقابل، اعتبر النائب عن حركة "حماس" في المجلس التشريعي الفلسطيني بغزة محمد شهاب أنّ قانون ذوي الاحتياجات الخاصة الفلسطيني غير مطبق بالمطلق، مؤكداً أن هناك قصورًا كبيرًا في تطبيقه، إذ أنه وعلى مدار وجود السلطة الوطنية الفلسطينية تم إدراج ودمج وتوظيف العديد منهم في الوزرات.
وشدد شهاب، في حديث لـ"النشرة"، على أن من تم دمجهم وتوظيفهم في المجتمع الفلسطيني يشكّلون نسبة قليلة، وتقتصر في الأغلب على الأشخاص ذوي الاعاقة الحركية دون غيرها من الاعاقات.
وطالب شهاب بتطبيق القانون بشكل شامل وفي كل الوظائف التي يمكن أن يتقدم لها الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ليكونوا مؤهلين كما غيرهم من أفراد المجتمع الفلسطيني.
نحن لسنا عبئا على المجتمع
وفي سياق آخر، أوضح زياد ديب، وهو أحد ذوي الاحتياجات الخاصة في غزة، والذي تسبب الاحتلال الإسرائيلي في بتر قدمه بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية منزله في شمال غزة في حرب 2008 التي شنتها إسرائيل على القطاع، الأمر الذي أدى إلى مقتل 11 من أفراد أسرته، أن كل سكان غزة يعانون من الحصار الذي ولّد مشاكل كثيرة لهم، متسائلاُ: "فما بالك نحن؟"
وشكا ديب، في حديث لـ"النشرة"، من عدم الاهتمام بهم من قبل الحكومة والمؤسسات والمنظمات ذات العلاقة، مطالباً بتوفير جزءٍ بسيطٍ من حقوقهم التي كفلها القانون الفلسطيني، وليس فقط تطبيق الـ5 %.
وأضاف ديب: "من حقنا أن نعيش حياة كريمة كباقي أفراد المجتمع، ونحن لسنا عبئًا على المجتمع، وقادرون أن نعمل وننتج، لا يعقل أن يبقى حالنا هكذا".
وتابع: "أوضاعنا تزداد صعوبة، على المسؤولين تشغيلنا ودمجنا في المجتمع الفلسطيني" .
غياب القانون أثر على نيل حقوقهم
من جهته، أكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة محسن أبو رمضان أن معاناة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة زادت مؤخراً جراء استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، مشيراً إلى أن هناك نقصا في المواد المساندة والمساعدة لهم والمستلزمات الطبية.
ولفت أبو رمضان، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، أحدث نقصًا في الموازنات اللازمة لتشغيل خدماتهم الضرورية من قبل المؤسسات ذات العلاقة، وهذا فاقم في معاناتهم بشكل كبير.
وأشار أبو رمضان إلى أن عدم تطبيق القوانين والتشريعات من قبل المسؤولين، أدى إلى تراجع في حقوقهم التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني، مطالباً المجتمع الدولي بإنهاء الحصار عن غزة، لأجل تقديم المستلزمات اللازمة لهذه الفئة المهمة في المجتمع الفلسطيني.
وأضاف: "يفترض أن ينظر لكافة مطالبهم واحتياجاتهم من قبل صناع القرار، فهم كغيرهم من أبناء الشعب الفلسطيني يفترض أن يعيشوا حياة كريمة وتوفر لهم كل احتياجاتهم".
في المحصلة، تبقى حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة الفلسطينيين ملقاة على عاتق المجلس التشريعي الفلسطيني بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، الذي يفترض أن يلعب دوراً ويتحمل مسؤولياته تجاه السلطة التنفيذية لأجل تنفيذ قانونهم رقم 4 لعام 1999، والعمل على تفعيل الاتفاقية الدولية التي وقعت عليها فلسطين عام 2008 ووقع عليها ما يزيد عن 140 مؤسسة في العالم، للمطالبة بحق عادل وحياة كريمة لهم، والتي من شأنها تحسين ظروفهم والتخفيف من واقعهم الصعب الذي يعيشونه.